kandil

مصر : الحديد والصلب إنتاج قومى «معطل» من القليوبية إلى أسوان

السبت 22 أبريل 2017 01:34 مساءً المشاهدة(4703)

 
تسبب توقف المصانع الحكومية للحديد والصلب، فى زيادة موجة الاحتكار واللجوء إلى الاستيراد من الخارج، فيما تذهب ملايين الدولارات من العملة الصعبة سنوياً لاستيراد المادة الخام للحديد، فى ظل عدم استغلال الحكومة الموارد الطبيعية والمواد الخام فى مصر..
 
 نعيد، فى السطور التالية، فتح ملف مصنع أبوزعبل للحديد والصلب، الذى كان شاهداً على نهضة حقبة الستينات الصناعية، باعتباره أحد المصانع التى شاركت فى بناء السد العالى، وفى توفير الأغراض العسكرية خلال الحرب بين مصر وإسرائيل التى استهدفته بطائراتها فى حرب الاستنزاف، ومع ذلك فإن هذا التاريخ الحافل لم يشفع للمصنع ولا العاملين به، ليستمر بين المصانع الكبرى، فتمت تصفيته فى عام 2008، وفتح باب المعاش المبكر للعاملين فيه، ليتحول إلى خرابة.
 
 
 
«حديد أبوزعبل» ساهم فى بناء «السد» وإسرائيل ضربته فى «الاستنزاف» والحكومة بدأت تصفيته فى 2002
 
«أبوزعبل» من أكبر مصانع الحديد والصلب فى الشرق الأوسط وكان إنتاجه يغطى السوق المحلية، مع تصدير الفائض منه إلى الخارج، وهو يتبع الشركة الأهلية للصناعات المعدنية، ويقع على مساحة 106 أفدنة مقسمة إلى 50 فداناً مقام عليها مصنع الدرفلة، و50 فداناً عليها الأفران والمخازن، و6 أفدنة للنادى الرياضى، تحولت كلها بفعل الإهمال أوكاراً للخفافيش، وساحة للتعديات، ومرتعاً للموبقات، ليصبح فى النهاية ذلك الصرح الكبير الذى كان يستوعب من 5 آلاف إلى 15 ألف عامل «خرابة كبيرة».
 
 
 
بدأت مأساة المصنع فى عام 2002 عندما أعلنت الشركة تصفيته، بسبب ديونه التى وصلت لنحو مليار ونصف مليار جنيه، وفى عام 2008 قررت الشركة الأهلية للصناعات المعدنية والهندسية فتح باب المعاش المبكر أمام عمال المصنع، وتم الإعلان عن طرحه فى مزاد، واشتراه مستثمر إماراتى بحجة تطويره، وبلغ سعره فى المزاد 460 مليون جنيه، إلا أن المستثمر تعثر فى السداد، وانهار المصنع وأغلق أبوابه بعد أن تفاقمت المشاكل بسبب سوء الإدارة.
 
 
 
المصنع مقام على 106 أفدنة.. وديونه تجاوزت 1٫5 مليار.. ومحافظ القليوبية: شكلنا لجنة لإحيائه أو الاستفادة من أرضه
 
يقول وائل الدخاخنى، أحد أهالى الخانكة، إن المصنع كنز لابد من إعادة استغلاله مجدداً باعتباره صرحاً اقتصادياً، يمكن فى حالة عودته للعمل من جديد أن يستوعب من 5 آلاف إلى 15 ألف عامل ومهندس وفنى، وهو عدد ضخم، وبخلاف أنه يساهم فى حل أزمة البطالة، فإن طاقته الإنتاجية تصل إلى 500 ألف طن سنوياً، وهو رقم يستطيع سد احتياجات السوق ويساهم فى مواجهة أزمة ارتفاع أسعار الحديد، التى تعود بشكل سلبى على المواطن والاستثمار فى مجالات التشييد والبناء والشركات المنفذة للمشروعات القومية الكبرى.
 
 
 
ويضيف «الدخاخنى»: «إعادة المصنع للعمل من جديد تساهم فى حل مشاكل كثيرة، لكن يبدو أن المسئولين لا يريدون ذلك من أجل مصالح كبار مستثمرى ومحتكرى الحديد، فأرض المصنع التى تقدر بـ106 أفدنة غير مستغلة، وتسكنها الغربان والخفافيش، وتحولت إلى مقالب للقمامة والخردة، فى حين يمكن استغلالها فى أغراض كثيرة، تساهم فى حل مشاكل المجتمع المحيط، إذا لم تستطع الحكومة إعادة تشغيل المصنع، كأن تحولها إلى مجمع صناعى للمشروعات الصغيرة للشباب، أو طرحها للاكتتاب العام لإعادة تشغيل المصنع الذى يحتاج أكثر من 2 مليار جنيه، لإعادة خطوط الإنتاج للعمل من جديد».
 
 
 
وأشار إلى أنه قدم مقترحاً للدكتور رضا فرحات، محافظ القليوبية الأسبق، بشأن المصنع، ووعد بالتدخل لوضع حل يضمن استغلاله وأرضه، إلا أن الفكرة ماتت بعد رحيله عن المحافظة.
 
 
 
ويقول صبرى عبدالرازق، أمين حزب حماة الوطن فى الخانكة ومؤسس جبهة أهالى الخانكة، إن مصنع أبوزعبل للحديد والصلب كان من العلامات فى مجال الصناعة، وهو ثانى أكبر مصنع على مستوى الجمهورية، بعد مصانع حلوان، إلى أن جاءت الخصخصة، وقضت عليه وتم تسريح عماله وتشريدهم تحت ستار المعاش المبكر.
 
 
 
يضيف «عبدالرازق»: «ما وصل إليه المصنع حالياً أمر يرثى له، حتى باتت إعادة تشغيله حلماً مستحيلاً، بعد أن بلغت ديونه 820 مليون جنيه، والخسائر المُرحّلة 830 مليون جنيه، ويحتاج لإعادة تشغيله 2 مليار جنيه، وهى مبالغ رهيبة فى ظل الأزمة الحالية، كما أن ماكيناته ومعداته تحولت إلى خردة».
 
 
 
من جانبه، يؤكد اللواء محمود عشماوى، محافظ القليوبية، أن ملف إعادة تدوير أصول الدولة المهدرة على رأس أولوياته، خصوصاً ما يتعلق بالصناعات الكبرى مثل الحديد والصلب بأبوزعبل، والنسيج فى شبرا الخيمة، مضيفاً أنه سيسعى مع الجهات المختصة لإعادة هذه المصانع لسابق عهدها أو استغلال أراضيها فى خدمة المشروعات الخدمية والصغيرة للشباب، كما تقرر طرح مختلف المشروعات الخدمية بالمحافظة للاستثمار أمام الجميع بهدف النهوض بها وتحويلها من خاسرة إلى رابحة.
 
 
 
ويشير «عشماوى» إلى أنه بصدد عرض مذكرة على رئيس الوزراء، لطرح المشروعات المختلفة التى تملكها المحافظة للاستثمار، وأن يكون طرح أى مشروع خدمى للاستثمار لمدة ٣٠ عاماً، وهناك لجنة مخصصة لهذا الغرض ستتولى إعداد مخطط ومذكرة بشأن مشروع مصنع الحديد والصلب المغلق، لمحاولة إعادة إحيائه أو الاستفادة من أراضيه وإمكانياته.
 
 
 
فى أقصى جنوب مصر، تتمتع محافظة أسوان، بالمواد الخام المعدنية، وبكميات هائلة، تصلح لتغذية مصانع الحديد والصلب بالمواد المطلوبة بدلاً من استيرادها من الخارج، وتتنوع مواردها ما بين خامات محجرية، وتعدينية فى أراضيها، وفيما تشير الدراسات إلى أنها ستكون صاحبة الصدارة فى استخراج خام الحديد فى مصر، فإنه تم وقف مشروع استخراج الحديد الخام من أسوان قبل نحو 20 عاماً.
 
 
 
ففى عام 1998 وضع الدكتور كمال الجنزورى حجر الأساس لمصنع حديد أسوان، وكانت الدراسات أثبتت وجود ما يزيد على 410 ملايين طن لخام الحديد فى المنطقة، وهو رقم كبير ويوفر نحو 4 آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، إلا أن الحياة توقفت لأسباب عديدة، منها تدخل بعض الكبار لعرقلة الاستثمار وإدخاله فى قضايا كبيرة، حتى توقف المشروع فى بدايته، ليضيع معه حلم الشباب فى العمل والمواطنين فى سعر حديد مخفض.
 
 
 
لم يتبق من هذا المشروع الكبير، الذى يقع على طريق (أسوان- العلاقى) جنوب المحافظة، سوى أجزاء من السور الخارجى، داخله أطلال لمساكن العاملين واستراحات تحولت إلى خرابات، وبعض الأجهزة المدمرة وسيارة «خردة».
 
 
 
تؤكد الدراسات العلمية أن المنطقة التى يقع عليها مشروع مصنع الحديد بأسوان، فيها نسبة حديد خام تصل إلى ٤٤%، و«سيلكا» بنسبة ١٦%، وفوسفور 3.5%، وهو ما كان سيساعد فى نجاح المشروع التابع لشركة أسوان للحديد والصلب.
 
 
 
يقول المهندس أدهم دهب، أمين عام جمعية رجال الأعمال بأسوان: «كان حلم الأسوانيين إتمام هذا المشروع من أجل تخفيض أسعار الحديد، إلا أنه بسبب سياسة الاحتكار وتعنت المسئولين فى تلك الفترة، توقف المشروع ودخل المستثمر فى صراعات، فكان المواطن هو المتضرر الأكبر من توقفه». ويضيف: «كان المهندس عبدالرازق عبدالعال، مدير الشئون الإدارية بالمشروع، يتحدث معنا دائماً عن المشروع وكيف كان سينقل أسوان ويضمها إلى المناطق الصناعية الكبرى، إلا أن تصفية الحسابات كانت وراء توقف المشروع»، لافتاً إلى أن أسوان بموقعها المتميز ووجود طرق بينها وبين برانيس بالبحر الأحمر، ومعابر أرقين وقسطل البرى التى تربطنا بالسودان، كانت تهيئ للمشروع الظروف ليكون عالمياً، ويضخ لمصر الدولارات والعملة الصعبة. يتابع: «ما نتمناه حالياً من الرئيس السيسى أن يضع يده على هذا الملف الشائك، ويعيد دراسته وتشغيله من جديد، نظراً لأهميته الكبرى، ولأنه سيدر على مصر عائداً كبيراً، وقد تبخرت فكرته أمام تعنت المسئولين، ودخولهم فى قضايا مع المستثمر».
 
 
 
ويقول المهندس محمد عبدربه، رئيس لجنة التعدين بجمعية المستثمرين فى أسوان، إن توقف مشروع الحديد والصلب بالعلاقى- أسوان، خسارة كبرى، وأى تباطؤ فى إعادته للحياة جريمة فى حق الاقتصاد القومى، ومهما طال الزمان أو قصر، فلابد من تشغيله لإنتاج خام الحديد، وتشغيل عمالة كثيفة، والاستفادة من الثروات المهدرة نتيجة سوء التخطيط والإدارة.
 
 
 
ويطالب «عبدربه» بحل المشاكل المعلقة لسنوات، لأن أى تباطؤ فى الإنتاج هو تباطؤ فى التنمية، ما يعود بالأثر السيئ على الاقتصاد، وعلى أصحاب القرار أن يحلوا المشاكل المعلقة منذ سنوات فى وزارات الاستثمار والصناعة وغيرها، متابعاً: «نحن كجمعية تدخلنا لفترة لتقريب وجهات النظر بين المستثمر والدولة إلا أن جميع المحاولات فشلت».
 
 
.................
الوطن



داخلي اخبار
soy
العالمية - اسفل الاخبار
شريف ستيل- الاخبار

اخبار متعلقة

السعودي للتنمية: مستعدون لتطوير التعاون مع تونس والإنفتاح على كل المشاريع
المشاهدة(146)

دعت وزيرة التجارة وتنمية الصادرات التونسية كلثوم بن رجب، إلى تعزيز الاستثمار السعودي في بلادها خاصة في المنطقة الحرة للأنشطة التجارية واللوجستية بمدينة بنقردان. المزيد

حديد الإمارات أركان توقع عقداً بقيمة 2 مليار دولار مع شركة حديد البحرين لتوريد كريات الحديد الخام
المشاهدة(300)

 أعلنت شركة "حديد الإمارات أركان" (المدرجة في سوق أبوظبي للأوراق المالية بالرمز EMSTEEL) ("المجموعة")، إحدى أكبر الشركات المدرجة لإنتاج الحديد ومواد البناء في المنطقة، عن توقيعها عقدًا مدته 5 سنوات مع شركة حديد...المزيد

عالمياً: تسارع جهود تسعير الكربون في آسيا بسبب "التوجه الأخضر"
المشاهدة(236)

تبرز آسيا باعتبارها المحفز الرئيسي للنمو في تداول الكربون رغم أن أسواق المنطقة لا تغطي حالياً سوى جزء صغير من الانبعاثات التي تمثل نصف الإجمالي العالمي. المزيد

اضف تعليق