أخبار مصرية

kandil

مصر: بنود وثيقة تنمية الصناعة الوطنية لمواجهة شراسة المنافسة العالمية

الأحد 28 فبراير 2016 08:49 صباحاً المشاهدة(8187)

يتضمن خطاب الرأسمالية الصناعية المصرية مطالب مشروعة ينبغى على الدولة أن تستجيب لها، انطلاقا من استيعاب أن تصنيع مصر- باعتباره رافعة التقدم الشامل والأمن الاقتصادى القومى والإنسانى- لن يتحقق بغير سياسات اقتصادية للدولة تدرك حتميته وتُؤمِن أسبقيته؛ باعتباره ركيزة التنمية وما تعنيه من نموٍ للإنتاج وفرص للعمل وتصفية للفقر، وجوهر التنمية بدوره، الذى لا مثيل ولا بديل له، فى رفع انتاجية القطاعات والفروع الاقتصادية القائمة وإدخاله للقطاعات والفروع الأحدث والأعلى انتاجية.
 
وأسجل أولا، أن ثمة مطالب مشروعة للرأسمالية الصناعية المصرية؛ تضمنتها وثيقة الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين (برنامج لاصلاح وتنمية الاقتصاد المصرى، يناير 2016) فى رؤيتها لما وصفته بالسياسة الصناعية المتكاملة. ومن ذلك، على سبيل المثال، مطلب حماية الصناعة الوطنية، بحظر استيراد أية سلع لها مثيل من الانتاج الوطنى بشرطين: أولهما، أن يكون منتجا بكميات كافية ومحققا للمواصفات القياسية، وثانيهما، أن يكون للحكومة تسعير المنتجات منعا للاستغلال. وحظر استيراد السلع (الاستفزازية)، التى قدرت فاتورتها بنحو 10 مليارات دولار وفقا لتصريح رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات المصرية فى فبراير 2015. واستيفاء جميع احتياجات الحكومة والقوات المسلحة والشرطة من الانتاج المحلى، فيما عدا ما لا ينتج محليا، وتفعيل قرار رئيس الوزراء فى هذا الشأن.
 
أضف الى هذا مطلب زيادة الطاقات الانتاجية الصناعية بسبيلين، أولهما، تشجيع اقامة المصانع الجديدة، بجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والعالمية، لإضافة الجديد والحديث من قواعد الانتاج فى القطاعات ذات الأولوية، بجهد مكثف من الحكومة لتحسين المناخ العام للاستثمار الصناعى بتوفير التمويل المصرفى منخفض التكلفة، وتوفير الأراضى اللازمة للصناعة ومدها بالمرافق والخدمات العامة بما لا يرفع تكلفة الانتاج ويعزز فرص المنافسة داخليا وخارجيا. وثانيهما، تشجيع التوسع فى الطاقات الانتاجية القائمة، وهو الوسيلة الأسرع إذا دعمتها الدولة بالحوافز الإضافية والإعفاءات الضرورية، وحصر الطاقات الانتاجية العاطلة بشركات القطاع الخاص وقطاع الأعمال العام، ووضع خطة لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من تشغيلها.
 
وثانيا، أن الرأسمالية الصناعية المصرية تدعو- وبحق- الى سياسة صناعية وإجراءات، تعميق التصنيع المحلى للكثير من المنتجات التى يمكن تصنيعها فى مصر بجودة عالية، وإحداث نقلة نوعية وانطلاقة صناعية جديدة لمصر بعد الفترة الانتقالية لثورتى يناير ويونيو، تقلل الاستيراد وتخفض العجز التجارى وتحد من زيادة الدين العام وتوفر فرص العمل. ويتطلب
 
تحقيق هذا الهدف، أولا، وضع خطط قطاعية للصناعات التى يمكن إضافة مراحل جديدة الى عمليات انتاجها، ومن ذلك مثلا، إضافة صناعة البيليت الى صناعة الحديد والصلب، وصناعة الغزل والأقمشة الى الملابس الجاهزة، والصناعات البتروكيماوية الأساسية والوسيطة، بما يزيد القيمة المضافة للمنتج النهائى. وثانيا، تحقيق الربط المستمر بين الصناعات الرئيسية والصناعات المغذية لها والقائمة حاليا؛ بما يحد من استيراد مكونات قد تكون موجودة محليا بأسعار مناسبة وكفاءة عالية. وثالثا، تحفيز القدرات الذاتية فى مجالات تصميم المعدات والآلات وخطوط الانتاج بتكنولوجيا محلية لرفع قدرات الصناعة وزيادة مكونها المحلى.
 
وتؤكد الوثيقة- وبحق مرة أخرى- أن استيعاب وتوظيف التكنولوجيا الحديثة لتقديم انتاج جديد ومتميز لا يعنى مجرد القدرة على نقل التكنولوجيا والمعرفة من الغير، وإنما بناء القدرة الوطنية على الإبداع التكنولوجى. ويتطلب هذا التوسع فى إنشاء مراكز التصميمات الصناعية والتدريب التكنولوجى التى تخدم كل القطاعات وتوجد ضمن التجمعات الصناعية وترتبط بالمؤسسات البحثية، وتوسيع خدمات برنامج تحديث الصناعة لرفع نسبة المكون التكنولوجى الوطنى فى عمليات الانتاج، وإقامة روابط مستمرة بين الجامعات ومراكز البحوث الصناعية فى العالم، وبالعلماء المصريين فى المهجر، وقيام رجال الصناعة بإقامة وحدات متخصصة لمتابعة الاستخدامات التكنولوجية فى مؤسساتهم.
 
ورابعا، أنه حتى يمكن للصناعة الوطنية مواجهة شراسة المنافسة العالمية، تشدد الوثيقة- وبحق مرة ثالثة- على ضرورة رفع جودة المنتجات بسلامة اختيار المدخلات، وتحديث الآلات والمعدات والالتزام الدقيق بالمواصفات والارتقاء بمهارات العمالة، والاهتمام بمراقبة الجودة فى كل مراحل الانتاج وإعمال نظم الحوكمة فى الشركات، والتطبيق الحازم للمواصفات الفنية، مع تفعيل دور المجلس الوطنى للاعتماد والتوسع فى إنشاء مراكز تقييم المنتجات الصناعية. وتدعو- فى مواجهة القصور الشديد فى مهارات القوى العاملة فى القطاع الصناعى- الى إجراءات فى مقدمتها: سرعة التوسع فى إقامة مراكز تدريب لإعداد العامل الفنى والمدير بحيث يتم تعليمه وتدريبه طبقا للمستويات العالمية المتعارف عليها، وبخبرات مصرية، بل وأجنبية إذا تطلب الأمر. كما تدعو الى تطوير وإنشاء مراكز التميز للبحث العلمى، لإعداد الكوادر العلمية القادرة على انتاج المعرفة وخلق التكنولوجيا بإجراء البحوث والتوصل الى الاكتشافات والاختراعات التى تطبق فى الصناعة والانتاج. ولا تستبعد الوثيقة الاستعانة بالخبرات العالمية فى التخصصات النادرة، وفى حدود النسب المسموح بها من حجم العمالة الكلية. ثم تدعو وثيقة الرأسمالية الصناعية المصرية الكبيرة، الى تشجيع إقامة الصناعات الصغيرة، وتؤكد أنه آن الأوان لأن تلعب دورا مهما فى التنمية الصناعية، وخلق الوظائف وزيادة الصادرات. وتركز الوثيقة- وبحق للمرة الرابعة- على تكامل الصناعات الصغيرة والمغذية- وأضيف المكمِلة- بالصناعات المتوسطة والكبيرة.
 
لكن الوثيقة تحفُل بمسكوتٍ عنه، ومن ذلك مطالبة الحكومة بالاستمرار فى برنامجها لمساندة وتحفيز الصادرات مع تجاهل ما أحاط به من اتهامات فساد وشبهات عدم تحويل عوائد التصدير الى الوطن، ومطالبة الحكومة بتخليص الانتاج المصرى من الأعباء والمصروفات التى لا يتحملها المنافس الأجنبى دون توقف عند معدلات الربح المقارنة مع الدول الصناعية ومع تجاهل أن مصر ليس بمقدورها تقديم ما توفره الدول النفطية الريعية الغنية، ومطالبة الحكومة بفرض الضرائب على ارباح الشركات الصناعية مع تجاهل شبهات تهربها الضريبى، وتحفيز البنوك المصرية لتمويل المستورد الأجنبى، مع تجاهل أزمة نقص النقد الأجنبى. وأعلن باستقامة أن على الدولة أن تقدم أقصى حوافز ممكنة للمستثمر المُبادِر والمُنظِم والمُخاطِر والمُبتكِر، والمُلتزِم بمسئولياته المجتمعية والتنموية والوطنية، مع مكافحة الاحتكار وحماية المنافسة.
 
..............
د. طه عبد العليم - الأهرام



داخلي اخبار
soy
العالمية - اسفل الاخبار
شريف ستيل- الاخبار

اخبار متعلقة

صفقة "رأس الحكمة" شهادة ثقة لمناخ الإستثمار المباشر في مصر
المشاهدة(193)

وصف اقتصاديون صفقة مشروع رأس الحكمة بالساحل الشمالي التي أعلنتها الحكومة يوم الجمعة الماضي بأنها شهادة ثقة لمناخ الاستثمار في مصر خلال الفترة الحالية، وتعد عامل جذب لمزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال الفترة...المزيد

أحمد عز يعلق على صفقة "رأس الحكمة" بين مصر والإمارات كونها الأكبر في تاريخ مصر
المشاهدة(299)

علّق رجل الأعمال المصري أحمد عز رئيس ومؤسس مجموعة حديد عز، على صفقة رأس الحكمة بين مصر والإمارات وهي الأكبر في تاريخ البلاد. المزيد

مدبولي: نحضر لطرح مشروعات من العيار الثقيل على غرار تطوير "رأس الحكمة"
المشاهدة(278)

قال مصطفى مدبولي رئيس الوزراء المصري، إن بلاده ترسي آلية واضحة لأي استثمار أجنبي مباشر لتكرار نموذج تطوير "رأس الحكمة".المزيد

اضف تعليق