أخبار مصرية

kandil

مصر: تحقيق: مأساة صلب أبو زعبل من إنتاج الحديد لبناء السد وإنشاء قواعد للصواريخ إلى مرتعاً للفئران

الخميس 10 ديسمبر 2015 12:26 مساءً المشاهدة(4960)

أكبر مصنع لإنتاج الحديد والصلب في الشرق الأوسط.. أصبح مرتعا للفئران والعناكب
المصنع مغلق منذ 16 عام بأمر من "مبارك"
5 آلاف عامل بالمصنع وورديات مستمرة لإنتاج الحديد المستخدم في بناء السد العالي
"إسرائيل" قصفت المصنع عقب النكسة.. حتى لا تقم للصناعة المصرية قائمة.. و"ناصر" أعاد تشغيله بمعدات روسية
بيع المصنع لمستثمر "إماراتي" في مزاد علني عام 2008 .. ولم يسدد قيمته حتى الآن..!
العمال المحالون للمعاش المبكر : "نفسنا نرجع نشتغل تاني ونرجع لمصر ريادتها"
بعد غلق المصنع أصبح خردة تباع لحديد "الدخيلة"
تم هدم المصنع ليقوم بدلا منه حديد "عز"
رئيس اتحاد العمال والفلاحين : لدينا 4650 شركة مغلقة بسبب فتح باب الاستيراد
البطالة والفقر سبب انكسار الدولة
 
لا أحد ينكر فضل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر على تطور الصناعة المصرية.. سواء كنت ناصريا أو أيا تكن.. فالرجل ترك مصر رائدة فى صناعات عدة رفعت من سقف الصناعات الوطنية كثيراً.. فكانت مصانع المحلة الكبرى، وشبرا الخيمة، ومصانع الغزل والنسيج، والكوك، ومجمع الألمنيوم، ومصانع الأسمنت، والكيماويات، والسكر، والأدوية.... وغيرها، إلا أننا ننظر حولنا الآن لنجد أن مصر أصبحت دولة بلا مصانع لا تنتج شئ ولا تعرف عن الصناعات أى شئ ..
 
وحينما يتمعن المواطن جيداً.. يدرك أن حلم النهضة الصناعية المصرية جاء قتيلا لحلم الخصخصة من رجال العصر المباركى السابق.. فقد أجمعوا جميعاً على ضرورة تحويل القطاع العام إلى قطاع آخر مخصخص.. فباعوا كل الشركات والمصانع وسرحوا العمال.. ومن أكبر المصانع التى تم إغلاقها وكانت فخراً للصناعات المصرية .. "مصنع الحديد والصلب" بأبى زعبل والذى أغلقه رجال مبارك منذ ما يقرب من 16 عاما.
 
ولمن لا يعرف شيئا عن المصنع.. فلنعود معه للخلف قليلاً.. ونترك تخيل الصورة للقارئ.. 
 
مصنع ضخم يعد أقدم وأكبر مصنع استراتيجي للحديد في مصر والشرق الأوسط.. ماكيناته لا تتوقف.. عشرات العمال كخلايا النحل.. منكبين علي ماكينات الإنتاج وأفران الصهر.. يقع على مساحة 106 فدان.. ويغطى إنتاجه الأسواق المصرية والعربية.. ويصدر الفائض للخارج.. وفى لمحة من الزمن -بسبب أهمية المصنع الاستراتيجية- ترصده قوات الاحتلال الإسرائيلية إبان نكسة 1967م.. وتقوم بقصفه.. ليتلقى الضربة الأولى فى تاريخه ويقع أكثر من 70 شهيداً من عماله ويصاب 69 عامل.. 
 
لننتقل إلى الصورة الأخرى والرئيس عبد الناصر وهو يقف وسط أنقاض المصنع دامعاً.. ويأمر جنوده بإعادة تأهيل المكان وتشغيله من جديد.. واستيراد المعدات والافران اللازمة له من الاتحاد السوفيتي ليعود رائداً من رواد الصناعات القومية حينها..
وتنتقل الصورة إلى السد العالى وبنائه وضرورة إنتاج حديد تسليح لازم لإنهاء العمل به.. فلا يجدوا سوى مصنع الحديد والصلب بأبى زعبل ليتولى المهمة..  وليقف خمسة آلاف عامل على ثلاث ورديات على مدار 24 ساعة يوميا لينتجوا اللازم.. ويساعدوا فى إنتاج الحديد اللازم لبناء منصات الصواريخ المصرية.. 
 
وتمر الأيام وفجأة.. يتوقف المصنع بأمر "مباركى" عام 1999م.. لتنقل الصورة حزينة.. بقايا أطلال المصنع بعد 16 عاما من إغلاقه.. وأرض المصنع مقسمة إلى 50 فداناً.. مقام عليها مصنع للدرفلة ومثلها للأفران والعنابر والمخازن.. بجانب نادي رياضي علي مساحة 6 أفدنة.. ليصبح باقى المصنع مقراً للفئران والعناكب.. ويسدل الستار على مصنع بتلك القوة السابقة.. مع تسريح عماله وخروجهم إلى العاش المبكر للتمهيد لبيعه تطبيقا لنظام الخصخصة..
 
وفى عام 2008.. أعلنت الحكومة بيع المصنع في مزاد علني استقر على مستثمر إماراتى.. مقابل 460 مليون جنيه.. لكن المفارقة أن المبلغ لم يسدد حتى الآن. وكأن القدر قرر أن يقف بجوار تلك القيمة الاقتصادية الكبيرة.. وأمهلت الحكومة المشترى فترةحتى نهاية مارس 2010 للسداد أو فسخ العقد.. وحتى الآن لم يتم السداد ولا أحد يعرف ما رست عليه المفاوضات مع المستثمر..!!
 
قال "راضى الملط" أحد العمال السابقين: "أن المصنع يوجد به 3 أفران يقومون على المازوت والسولار.. و2 فرن يقومان على الكهرباء والدرفلة.. وأن محطه الكهرباء الملحقة بالمصنع كانت تنتج طاقة تصل الي 2300 وات..
ويكمل.. عند فتح باب الإحالة إلى المعاش المبكر وتسريح العمال.. بدأ الجميع التهافت على المصنع لقيمته الكبيرة.. ثم توقفت الأفران الثلاثة الأولى ومن بعدها الاثنين الباقيين.. وأصبحوا خردة تباع لشركة "الدخيلة".. وتدهورت حال المصنع وقل إنتاجه"..
 
نقابات العمال أجبرتنا على المعاش المبكر ومن لم يرض بالأمر أحالته لمعاش مهني:
 
ويعود بالذاكرة إلى الوراء ليتذكر فى حسرة إجبار "النقابات العمالية العامة" عمال المصنع والموظفين على تقديم أوراق المعاش المبكر وإخلاء الطرف مقابل 35 ألف جنيه أو 40 ألف.. وخضع للضغط 2392 عاملا وموظفا وقاموا بالتنازل وخرجوا إلى المعاش المبكر فرحين بالمبلغ.. وهناك من رفض البيع وتمسك بالمصنع وكان عددهم 833 عاملاً.. بعضهم عانى من أمراض مزمنة أو موسمية مثل حساسية الصدر والربو وفيروس سى.. ففكروا فى عمل ما يسمى بـ"اتحاد ملاك للمصنع".. لكنهم فوجئوا بأن الشركة التى كانت تدير المصنع مديونة للبنك بحوالى 780 مليون جنيه مصرى.. 
 
وحدث أن تلاعبت "النقابة العامة" حينها بالعمال بعدما رفضوا ترك العمل اختياريا وقاموا بالتحايل ليخرج هؤلاء العمال إلى المعاش المهنى .. فهم مرضى لا يقدرون على الإنتاج..
 
واتهم "الملط" رئيس مجلس إدارة الشركة التى تدير المصنع حينها "حسن عبداللطيف" بأن الشركة القابضة هى التى بعثته ليقوم بتصفيه المصنع من خلال عمله رئيسا لمجلس الإدارة.. فى حين أننا نعلم تاريخه وطرده فى السابق من شركة من شركات "حلوان".. وحينما جاء بدأ فى بيع الخردة والحديد من المصنع وأتى بقروض من البنك وأهداها للعمال كحوافز.. حتى ينضمون إليه فيما بعد..
 
تم سرقة الخردة وبيعها وتحولت محطة الكهرباء إلى مخبأ للخفافيش والطيور.. 
 
وأضاف فى حسرة: "أن الخردة والحديد الذى كان يتواجد بالمصنع تمت سرقته وبيعه بالكامل.. وأصبح المصنع فارغاً.. وهدمت أفران واختفى سقف العنبر .. مما جعل الأتربة تتراكم على باقى الأفران فاعتراها الصدأ.. وتحولت محطة الكهرباء إلى مخبأ للخفافيش والطيور.. بينما تحول استاد كرة القدم إلى خرابة"..!
 
وعن أمنيته بفتح المصنع مرة أخرى قال: "ياريت يتفتح تانى.. نفسنا نرجع نشتغل ونرجع لمصر ريادتها".
 
سياسة الخصخصة تم تنفيذها بعشوائية فهدمت الاقتصاد المصري 
 
وأضاف "رضا الخولى" أحد العمال السابقين: "أنه يتذكر قيامهم بمشروع رفعوا فيه سقف ساعات العمل من 8 إلى 12 ساعة.. كى ينجح ومع الضغط المستمر فشل المشروع .. بسبب الإدارة .. كما أشار إلى أن سياسة الخصخصة تم تنفيذها بصورة عشوائية.. واغلقت المصانع التى تعتبر صلب الدولة..
 
وأكمل.. أن المصنع كان يديره "سعيد الحديدى" بصورة ممتازة.. وجاء "حسن عبد اللطيف" ليدمره نهائيا..! وبعد خروج معظم العمال معاش مبكر.. بقى عدد معترضا ولم يخرج.. فأحالوهم لإجازة بمرتب سارى لمدة سنة ونصف وبعدها أحيلوا للمعاش".. 
 
ولا بد من عودة المصنع مرة أخرى.. فالوقت الحالى تعاني فيه مصر من الأرتفاع المتصاعد في أسعار الحديد والصلب.. وكذلك أرتفاع معدلات البطالة.
 
بينما يقول "احمد محمد" أحد العمال: "أن معدل إنتاج هذا المصنع من الحديد كان كبير جداً.. ويخرج خامات جيدة مستخرجة محلياً.. تنتج كافة أشكال منتجات الصلب وحدد التسليح.. بالإضافة لكميات من عروق الصلب لمصانع الدرفلة.. 
 
وعندما فتح "أحمد عز" مصانع "حديد الدخيلة" الذى أعتمد على الخامات المستوردة.. بدأ المصنع فى التراخى.. وبدأت عوامل هدمه كاملة"..
 
وأضاف: "أنهم شديدو الحزن على إغلاق المصنع.. وأن أمنيتهم الوحيدة فتحه من جديد.. حيث سيساهم فى توفير آلاف الفرص للشباب للعمل به ويساعد على تقليل حدة احتكار الحديد الموجودة الآن..
 
رئيس اتحاد العمال والفلاحين: لدينا 4650 شركة مغلقة بسبب فتح باب الاستيراد
 
وتوجهنا بالسؤال إلى "محمد محمد عبد المجيد هندى" رئيس المجلس القومى للعمال والفلاحين، والاتحاد المصرى للعمال والفلاحين.. والذى قال: "نناشد بإعادة تشغيل هذا المصنع الذى تراكمت أكوام الأتربه عليه لأنه من أقوى المصانع فى الشرق الأوسط.. كما نطالب بفتح جميع المصانع المغلقه فى عهد مبارك "مبارك" الذى دمر الصناعة المصرية وأغلق المصانع والشركات لبيعها.. وشرد العمالة المصرية من أجل عيون الأمريكان ليعيش عصر التوريث فى مصر ".
 
وأضاف "دقت ساعة العمل الوطني.. ولا مجال للمهاترات.. وبدون لف أو دوران تكلمنا كثيراً عن الاستثمار.. ولكن مازالت البطالة موجودة ومازال الفقر بين أبناء الوطن.. وجميعنا يعلم أن البطالة والفقر هم سبب انكسار الدولة فى أى وقت".
 
وأشار إلى أن مصر بها 4650 شركة مغلقة بسبب فتح باب الاستيراد من الخارج.. ولا يتم تشغيل الشركات سوى من أجل تصنيع كل ما يتم استيراده من الخارج.. أى أن الصناعة المصرية معتمدة الآن على التجميع فقط.. وتركيب ما يتم استيراده.. بعدما كان للمنتج المصرى تاريخ طويل جاب العالم كله..
 
.................
تحقيق/ هالة بديع



داخلي اخبار
soy
العالمية - اسفل الاخبار
شريف ستيل- الاخبار

اخبار متعلقة

صفقة "رأس الحكمة" شهادة ثقة لمناخ الإستثمار المباشر في مصر
المشاهدة(189)

وصف اقتصاديون صفقة مشروع رأس الحكمة بالساحل الشمالي التي أعلنتها الحكومة يوم الجمعة الماضي بأنها شهادة ثقة لمناخ الاستثمار في مصر خلال الفترة الحالية، وتعد عامل جذب لمزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال الفترة...المزيد

أحمد عز يعلق على صفقة "رأس الحكمة" بين مصر والإمارات كونها الأكبر في تاريخ مصر
المشاهدة(296)

علّق رجل الأعمال المصري أحمد عز رئيس ومؤسس مجموعة حديد عز، على صفقة رأس الحكمة بين مصر والإمارات وهي الأكبر في تاريخ البلاد. المزيد

مدبولي: نحضر لطرح مشروعات من العيار الثقيل على غرار تطوير "رأس الحكمة"
المشاهدة(275)

قال مصطفى مدبولي رئيس الوزراء المصري، إن بلاده ترسي آلية واضحة لأي استثمار أجنبي مباشر لتكرار نموذج تطوير "رأس الحكمة".المزيد

اضف تعليق